الانسجام
التعريف:
الانسجام في اللغة هو ضم الشيء إلى الشيء، و في الاصطلاح هو مجموع الآليات/ العمليات الظاهرة والخفية التي تجعل قارئ خطاب ما قادرا على فهمه وتأويله.
ببساطة أنت حين تقرأ نصا ما تتوصل إلى فهم بنيته ومضامينه وكل خلفياته والأطر المنظمة له، إذا وصلت إلى هذه النقطة من الفهم فاعلم أنك وظفت آليات الانسجام، السؤال المطروح الآن ماهي هذه الآليات/ العلاقات؟
لتحديد العلاقات الخاصة بالانسجام ننطلق من الفرضيتين التاليتين:
1- الخطاب -كل خطاب- لا يملك مقومات انسجامه في ذاته، القارئ هو الذي يمتلك هذه الآليات. (لاحظ عزيزي القارئ كم نحن مهمين-أنا وأنت )
2- كل خطاب قابل للفهم فهو خطاب منسجم.والعكس صحيح.
مبادئ الانسجام:
1- السياق وخصائصه: مثلا تحديد الفترة التاريخية لظهور كتاب ما ييسر فهمه بشكل أفضل، لا تحاول أن تنتقد شاعرا قديما معتمدا رؤية إنسان معاصر ، فلكل عصر خصائصه.
2- مبدأ التأويل المحلي: تأويل النص أو جزء منه لا ينبغي أن يكون جزئيا أي لا نأخذ من النص ما يهم قراءتي وأترك ما لا ينسجم مع هذه القراءة، إذا فعلت هذا فإن تأويلي للظاهرة المدروسة لا يكون صحيحا. انظر إلى تأويل النويهي حينما تحدث عن علماء النفس المحدثين وموقفهم من النفس الإنسانية، فقد ربط النويهي كلام العلماء بشخصية ابن الرومي متناسيا السياق الزمني والاجتماعي المحلي للشخصية المدروسة.
3- مبدأ التشابه:كثيرا ما ترى أن الفكرة الواحدة قد تكون مشتركة بين أبناء عصر واحد، العقاد والنويهي على سبيل المثال يشتركان في كثير من النقط بالنسبة إلى ابن الرومي نظرا لخصائص الفترة التي عاشا فيها، لكن رؤيتنا نحن لابن الرومي مختلفة نظرا لتطور الدراسات النفسية .
4- مبدأ التغريض: ويقصد به الموضوع الرئيسي/ [النواة الرئيسية] الذي يتمحور حوله الخطاب المدروس.
عمليات الانسجام:
المعرفة الخلفية: لتكون قارئا جيدا/ محترفا عليك أن تكون ملما بالخلفيات التي تؤطر النص، هذه الخلفيات قد تكون سياسية أو دينية أو اجتماعية....، قد تتعجب من بعض آراء طه حسين -على سبيل المثال- من النصوص الدينية أو القرآن، لكن عليك دائما أن تستحضر الصراعات السياسية والثقافية التي عاشها طه حسين إذا أردت أن تفهم خطابه فهما جيدا.
قد نستغرب سجن بعض الأئمة المشهورين في العصر العباسي، لكن عليك أن تقرأ- وأن تكون ذكيا - الصراع السياسي آنذاك.
قد تستغرب من تطرف ابن الرومي في بعض نصوصه لكن لا تنس أنه كان يعيش ظروفا اجتماعية قاسية.
قراءة هذه الخلفيات تسمى بالأطر أي البنيات المتحكمة في فكر/ موقف ما.
المدونات:
هي الطريقة العلمية/النمطية التي يعتمدها العقل في الاستدلال على صحة فرضية ما. الانتقال من عنصر إلى عنصر، بناء نص منسجم مبني على درجة مقبولة ومعقولة للإقناع.
الخطاطات: تصميم محكم يمدنا بطريقة لتفسير وتأويل خطاب ما،
تذكر ما يلي:
الانسجام أعمق من الاتساق، لأنه يتطلب من المتلقي البحث في العلاقات الخفية -التي عادة لا تكشف عن نفسها ببساطة- في حين الاتساق يتعامل مع العلاقات الظاهرة أي اللغوية الشكلية.
"