مقدمة: اليابان أرخبيل يتألف من أزيد من ألف جزيرة. وأهمها: هوكايدو، هوندو (هونشو)، شيكوكو وكيوشو. ورغم ضيق المساحة 372.313 كلم2 بالنسبة لعدد السكان 125م.نسمة، وقلة الموارد الطبيعية، وما تعرضت له البلاد من تدمير في الحرب العالمية الثانية، فإن اليابان تعتبر حاليا القوة الاقتصادية الثانية في العالم بسبب سرعة نمو قطاعها الصناعي وحيوية سكانها.
الظروف الطبيعية في اليابان سلبية بالنسبة للنشاط الفلاحي و إيجابية بالنسبة للصيد البحري
1: التضاريس والمناخ:
يغلب على سطح اليابان الطابع الجبلي بسبب كثرة البراكين، حيث السهول والأحواض قليلة(15%من مساحة البلاد). وأهم السهول توجد بشرق جزيرة هوندو مثل سهلي كانتو وناغويا. وتراجعت المساحة الصالحة للزراعة إلى 12% من مساحة البلاد بفعل العمران وتوسع النشاط الصناعي.
ومناخ اليابان موسمي، يتميز بالتنوع نتيجة تنوع التيارات البحرية وامتداد البلاد من الشمال إلى الجنوب؛ ففي الشمال المناخ معتدل بارد، وفي الوسط معتدل دافئ، وفي الجنوب شبه مداري. ونظرا لكون البلاد عبارة عن جزر، فإنه يخضع لمؤثرات المحيط الهادي في الصيف فتسقط الأمطار في الواجهة الشرقية للبلاد وخاصة في الوسط. وفي الشتاء تحدث التساقطات في الواجهة الغربية، مما أدى إلى انتشار الغابات: 70% من مجموع المساحة.
2: تعد الفلاحة قطاعا ثانويا في اقتصاد اليابان:
تمثل المساحة المزروعة 12% من مساحة البلاد. وتشغل الفلاحة 2,7% من اليد العاملة، وتساهم في الناتج الوطني ب 3,5 %. و يتم الاستغلال الفلاحي في إطار ضيعات صغيرة يصل معدل مساحتها 1,5 هكتار، ما عدا في جزيرة هوكايدو حيث يصل 8 هكتار. لذلك يتم استغلال الأراضي بشكل كثيف، هدفا للزيادة في الإنتاج لسد الحاجيات، وذلك باستعمال الآلات الصغيرة للحرث والحصاد ، واختيار البذور واستعمال الأسمدة العضوية بشكل كثيف وتنظيم السقي، خاصة في مناطق زراعة الأرز حيث يتم إنتاج أكثر من محصولين في السنة.
أ ) الإنتاج الزراعي:
موجه لإنتاج المواد الغذائية الأساسية وأهمها الأرز، يأتي في المقدمة ويزرع في المناطق الجنوبية ويحتل 46% من الأراضي المزروعة. بلغ إنتاجه 13م.طن. القمح 600 ألف طن والشعير 378 ألف طن، ويحتلان 25% من الأراضي المزروعة. الشاي 92 ألف طن، بالإضافة إلى إنتاج الخضر والفواكه وقصب السكر والحرير الطبيعي الموجه للتصدير.
ب ) الإنتاج الحيواني:
تربى المواشي داخل الإسطبلات لعدم توفر المراعي، إنتاجها ضعيف رغم استعمال الأساليب العصرية؛ الأبقار 5م.رأس، الخنازير 10,5م.رأس/1994. لذلك تستورد اليابان اللحوم والحليب خاصة من أستراليا ونيوزيلاندة والولايات المتحدة، لذلك يتم الاهتمام بتربية الدواجن والصيد البحري.
ج ) الصيد البحري:
تحتل فيه اليابان المرتبة الثانية في العالم نظرا لمرور التيارات البحرية الباردة و الدافئة قرب سواحلها، مما يستقطب أنواعا مختلفة من الأسماك. وكذلك لوجود أسطول كبير للصيد، سفنه عبارة عن معامل عائمة. وبلغ إنتاج الأسماك 7,5م. طن. ويعتبر الصيد الساحلي ثانويا بالمقارنة مع الصيد في أعالي البحار نتيجة تشجيعات الدولة وعقد اتفاقيات للصيد مع دول أجنبية. هذا إضافة إلى تربية الأسماك والطحالب والقشريات.
ساعدت الظروف البشرية والتاريخية على تطور الصناعة اليابانية رغم ضعف الموارد الطبيعية
الصناعة قطاع أساسي في اقتصاد اليابان؛ تشغل 34% من اليد العاملة وتساهم ب 42% في الناتج الوطني. تطورت بشكل سريع بعد الحرب العالمية الثانية رغم قلة الثروات الطبيعية.
1: الثروات الطبيعية: قليلة لعدم استقرار البنية الجيولوجية للبلاد، مما يدفع إلى استيرادها.
أ) مصادر الطاقة:
إنتاجها ضعيف؛ البترول 870 ألف طن، ويمثل 56% من الطاقة المستهلكة، وتستورد اليابان أزيد من 90% من الحاجيات. الغز الطبيعي 2,2 مليارم3 ، الفحم الحجري 6,9م.طن ويستخرج من هوكايدو وشمال غرب كيوشو. ويتم استيراد 93% من الحاجيات من روسيا والصين والولايات المتحدة. الكهرباء 840م.كوس أغلبها حرارية ونووية ثم مائية.
ب) المواد الأولية: غير كافية حيث تستورد اليابان أغلب حاجياتها: 100% من الحديد والبوكسيت، 97% من النحاس، 93% من المنغنيز. ( أنظري ص.115 )، فالصناعة اليابانية تعتمد على استيراد المواد الأولية ومصادر الطاقة حيث تمثل 60% من مجموع الواردات.
2: الظروف التاريخية والبشرية: استفادت منها اليابان فأصبحت القوة الاقتصادية الثانية في العالم.
أ) الظروف التاريخية:
استفادت الصناعة اليابانية من دور الدولة منذ الثورة الصناعية التي عرفتها البلاد في القرن التاسع عشر (1867) حيث أنشأت الدولة طرقا حديثة للمواصلات، وشجعت كبار الملاك والتجار على المساهمة في النشاط الصناعي مثل أسرة متسوي و متسوبيشي و سوميطومو، التي شكلت تروستات كبرى تسمى الزايباتشو.
واستفادت الصناعة اليابانية من ظروف الحرب العالمية الأولى حيث غزت بضائعها أسواق جنوب شرق أسيا. كما استفادت من الدعم الأمريكي إبان الحرب الكورية.إضافة إلى الدور الذي لعبته وزارة الصناعة والتجارة الخارجية في وضع سياسة محكمة للتصنيع عن طريق تقديم المساعدات والقروض وتوجيه الاستثمارات والبحث العلمي في مجال استعمال التقنيات الحديثة.
ب) الظروف البشرية:
ارتفع عدد سكان اليابان قبل الحرب العالمية الثانية، وبلغ عددهم 73م.ن/1940. وبدأ تحديد النسل منذ 1947، وأصبح عددهم 125م.ن/1995. ورغم كون الهرم التسكاني ناضجا يدل على وفرة اليد العاملة الشابة، فإن تحديد النسل ينذر بالشيخوخة. واستفادت اليابان من طاقتها البشرية في مجال الصناعة حيث يتركز 90% من السكان في المدن، ويشكلون يدا عاملة ماهرة تقل أجورها عن أجور العمال في الدول الصناعية، مع مدة عمل أكثر.
ج) التحولات الجديدة:
نظرا لارتفاع أسعار النفط وأجور العمال في السنوات الخيرة، تكيفت الصناعة اليابانية مع أوضاع السوق العالمية، حيث تم الاهتمام بالصناعات المتطورة ذات التكنولوجيا العالية مثل الروبوتيك والمعلوميات. وكذلك استثمار الرساميل، في الدول المتخلفة لضمان الحصول على المواد الأولية، وفي الدول المتقدمة بتكوين شركات مختلفة الإنتاج لغزو أسواقها. كما أن بنية الصناعة اليابانية تتميز بالتنظيم الفعال المتمثل في الترابط بين المؤسسات الكبرى والمتوسطة والصغرى، الصناعية والمالية. وذلك بفضل التركيز الرأسمالي والاهتمام بالعنصر البشري، عن طريق إشراك العمال في اتخاذ القرارات لإنجاح تنفيذها، وتكوينهم تكوينا عاما حتى يسهل نقل العامل من وظيفة لأخرى والاحتفاظ به في فترة الركود الاقتصادي، ليرتبط بالمؤسسة كوحدة اجتماعية. كل هذه العوامل مكنت الصناعة اليابانية من التطور السريع.
تتميز الصناعة اليابانية بإنتاج وافر ومتنوع وتتركز في المناطق الجنوبية
1: الإنتاج الصناعي:
يتميز بالتنوع والوفرة والتطور السريع للصناعة الثقيلة والصناعات الإليكترونية، حيث تنتج من الصلب 13% من إنتاج العالم (م1) تحتكر إنتاجه شركتي متسوبيشي ونيبون ستيل. وتحتل اليابان المرتبة الثانية في الصناعات البتروكيماوية، والثالثة في صناعة الأليمنيوم. أما الصناعات الخفيفة فهي أكثر تطورا كالصناعات الكيماوية مثل النسيج الاصطناعي والأسمدة والإسمنت والورق. وتحتل اليابان المراتب الأولى في عدة صناعات كصناعة السفن والسيارات والآلات الفلاحية والمنزلية والسكك الحديدية والدراجات النارية. وكذلك المراتب الأولى في الصناعات الدقيقة ذات التكنولوجيا العالية كصناعة المذياع والتلفزة وآلات التصوير والأجهزة السمعية البصرية والحاسبات الإليكترونية. وتحتل اليابان المرتبة1 في إنتاج الروبوتيك (الإنسان الآلي) م.2 في إنتاج العقول الإليكترونية و م.4 في إنتاج الحرير و م.5 في النسيج الاصطناعي و م.6 في المنسوجات الصوفية.
2: تتركز الصناعة في المناطق الجنوبية: ( أنظر الخريطة ص. 113 )
تتركز الصناعة اليابانية في الواجهة الشرقية للمناطق الجنوبية لارتباطها بالأسواق الخارجية وتركز السكان والرساميل. وأهم المناطق الصناعية: منطقة طوكيو- يوكوهاما؛ وهي أكبر منطقة صناعية في اليابان، أهم مراكزها طوكيو العاصمة السياسية والاقتصادية، ويوكوهاما ثالث ميناء في البلاد. ومنطقة أوزاكا- كوبي؛ وأهم مراكزها أوزاكا أقدم مركز لصناعة النسيج و كوبي أكبر ميناء في البلاد.ثم منطقة ناغويا التي تقدم 80% من إنتاج الخزف في اليابان. وأخيرا منطقة غرب الحزام الصناعي، وتضم غرب هونشو وشمال كيوشو.
وتوجد مراكز صناعية بالشمال ترتكز على منتجات الغابة والبحر وتكرير البترول. وبدأ الاهتمام بها لتحقيق توازن بين المناطق وتخفيف الضغط السكاني عن المناطق الجنوبية. وتقوم اليابان بمواجهة المشاكل التي تعترض صناعتها كالمنافسة التجارية وتوفير الموارد الطبيعية والتحكم في النسل وتجنب شيخوخة السكان.
3: النشاط التجاري:
قطاع هام مرتبط بالنشاط الصناعي، ويتجلى ذلك في تصريف الإنتاج الصناعي وتوفير المواد الأولية ومصادر الطاقة. وتقوم التجارة الداخلية على أهمية السوق الداخلية(125م.ن.) والقطارات السريعة والملاحة الساحلية. لكن التجارة الخارجية هي الأساسية، تعتمد على أسطول تجاري كبير يحتل المرتبة2 في العالم وموانئ كبرى. وتحتل اليابان المرتبة3 في المبادلات الدولية بعد الولايات المتحدة وألمانيا. وأهم وارداتها المواد الأولية ومصادر الطاقة 60% من الواردات، والمواد الفلاحية 12%. وتتمثل الصادرات في المواد المصنعة 98%، والباقي مواد أولية وفلاحية. وتغزو البضائع اليابانية جل السواق العالمية، وميزانها التجاري إيجابي ب157% سنة 1994، لايتعرض للعجز رغم الصراعات والمنافسة في مجال التجارة.
خاتمة: رغم أهمية الاقتصاد الياباني فإنه مرتبط بالسواق الخارجية. ونتيجة للقيود التي تفرضها الدول الصناعية على صادرات اليابان، تأثر النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة وارتفعت نسبة البطالة إلى 3,2% من السكان النشيطين سنة 1995