دروس الجغرافيا
.................................
الولايات المتحدة الأمريكية: أسس القوة الإقتصادي
مقدمة: تعتبر الولايات المتحدة أول قوة اقتصادية في العالم لعدة عوامل منها: مساحتها الواسعة 9.363.123 كلم2 (الصف4). وحيوية سكانها 280 م.ن. وتنظيمها الرأسمالي المحكم، وإمكانياتها الطبيعية الملائمة: كتنوع التضاريس والمناخ وتوفر المواد الأولية ومصادر الطاقة.
تتميز الظروف الطبيعية الأمريكية بتنوع التضاريس والمناخ
1 ): التضاريس: متنوعة ومنتظمة التوزيع، يمكن تقسيمها إلى وحدات كبرى حسب الموقع:
- جبال الأبلاش: سلسة قديمة تمتد في الجهة الشرقية من الشمال إلى الجنوب على مسافة 2000 كلم. قليلة الارتفاع (2000م). تحف بها هضاب طولية وتشرف على السهول الوسطى غربا وعلى السهول الساحلية شرقا.
- السهول الوسطى: واسعة، تمتد من جبال الأبلاش شرقا إلى جبال الروكي غربا، ومن منطقة البحيرات والسهول العليا إلى منطقة الميسيسيبي التي تبرز فيها مرتفعات أوزارك.
- السلاسل الغربية: يمكن تقسيمها إلى قسمين: 1) سلسلة جبال الروكي: وهي سلسلة ملتوية ومرتفعة تشرف على السهول الوسطى. 2) السلاسل الساحلية: تمتد على طول الواجهة الغربية وهي سلسلة الشلالات والسلسلة الساحلية وسلسلة نيفادا. وتفصل بينها وبين جبال الروكي، هضبة كولومبيا في الشمال والحوض الكبير في الوسط وهضبة كلورادو في الجنوب.
2 ):الـمـنـاخ: متنوع يتأثر بالتوزيع الطولي للتضاريس مما يؤدي إلى تعرض البلاد إلى الرياح القطبية في الشتاء والرياح المدارية في الصيف، إضافة إلى المؤثرات المحيطية والتيارات البحرية.
- في الغرب: المناخ محيطي في الشمال ومتوسطي في الجنوب، مما ساهم في انتشار الغابة في الشمال والنباتات المتوسطية في الجنوب.
- في الوسط: تقل الأمطار ويسود الجفاف وتنتشر الصحاري والسهوب مثل صحراء أريزونا وصحراء وادي الموت.
-في الشرق: المناخ قاري في الشمال و شبه مداري في الجنوب؛ ففي الشمال تسود البرودة في الشتاء وترتفع الحرارة في الصيف وتسقط أمطار تصل 500 ملم/ س. وفي الجنوب تسقط أمطار غزيرة في الصيف. ونظرا لخصوبة التربة وتوفر شبكة مائية، حلت الزراعة محل الغابات.
يتألف سكان الولايات المتحدة من أجناس مختلفة، ارتفع عددهم بفعل الهجرات والزيادة الطبيعية
1)- يعتبر العنصر الأوربي الأنجلو سكسوني أهم عناصر سكان الولايات المتحدة وهي: الهنود الحمر الذين يمثلون العنصر الأصلي في القارة، تمت إبادتهم، وبقيت منهم جماعات منعزلة، وبعضهم اندمج في المجتمع الجديد. والأوربيون الذين يعتبرون العنصر الأساسي لسكان الولايات المتحدة، أغلبهم من أصل إنجليزي، بالإضافة إلى الهولنديين والإسبان والفرنسيين. ثم الـملونون ومنهم السود، استقدموا من أفريقيا كعبيد، ويمثلون حوالي 10% من مجموع السكان. بالإضافة إلى الصينيين واليابانيين. وتعاني هذه الفئة من الميز العنصري.
2)- تزايد سكان الولايات المتحدة بسبب الهجرات والتكاثر الطبيعي: بلغ عدد سكان الولايات المتحدة في سنة 1800 /5م.ن. وفي 1900 /76م.ن. وفي 1991/ 252,8م.ن. ويرجع ذلك إلى الهجرات المتتالية من العالم القديم إلى القارة الجديدة حيث استقر +من50م مهاجر بالولايات المتحدة، مما دفع إلى تقنين الهجرة وعدم السماح بالدخول إلا للمهاجرين المنحدرين من عائلات أمريكية أو أصحاب الأموال والكفاءات التقفية واللاجئين السياسيين. وعرفت البلاد نموا ديمغرافيا بعد الحرب العالمية الثانية وصلت نسبته 2,5 % ما بين 1951 و1975. لكن هذه النسبة انخفضت في السنوات الأخيرة إلى 0,8 % في 1991 وإلى0,6 % في1995.
3)- أغلب السكان بالمدن، ويتوزعون بشكل غير منتظم بين المناطق: 76% من السكان بالمدن، يتركزون أساسا في المناطق الشمالية الشرقية، لكونها المناطق الأولى لاستقرار المعمرين الأوربيين. هذا رغم الهجرات السابقة نحو الغرب لوجود السكك الحديدية واكتشاف ذهب كاليفورنيا. وكذلك الهجرة الداخلية حاليا حيث يتنقل حوالي 40 مليون من السكان في السنة. وتبلغ الكثافة السكانية العامة 25ن/ كلم2.وأغلب التجمعات السكانية توجد بالشمال الشرقي ( الميغالوبوليس) حيث يتركز أزيد من 50م. ن. على مسافة 1000كلم. وأهم مدنها نيويورك 18م.ن. بالإضافة إلى المدن الكبرى في الغرب مثل لوس أنجليس و سان فرانسيسكو.
ويشكل السكان في الولايات المتحدة رغم اختلاف أجناسهم قاعدة هامة لازدهار اقتصادها في إطار النظام الرأسمالي.
تتميز الرأسمالية الأمريكية بكونها صناعية تعتمد على التركيز الرأسمالي وتنظيم العمل
1): تتميز الرأسمالية الأمريكية بكونها صناعية باعتبار الصناعة المحرك الأساسي للاقتصاد. ويتجلى ذلك في:
- تجهيز الصناعة للقطاع الفلاحي بالآلات والمعدات الفلاحية، التي تسمح باستصلاح الأراضي والاستغلال الجيد والتقليص من اليد العاملة وتكاليف الإنتاج والزيادة في الإنتاج والأرباح.
- توفر الصناعة لقطاع الخدمات تجهيزات أساسية كوسائل النقل والاتصال والمعدات الإليكترونية المختلفة. ويوفر القطاع الثالث عدة خدمات للصناعة كالبحث العلمي والمساهمة في تصريف الإنتاج ( الإشهار +دراسة الأسواق...)
2): يتميز الاقتصاد الأمريكي بقوة التركيز الرأسمالي: يتم التركيز الرأسمالي إما بشراء أسهم الشركات الصغرى والمتوسطة لدمجها لتشكيل شركة كبرى، وإما بتخفيض الأثمان من طرف الشركات القوية قصد إفلاس الشركات الصغرى، ليسهل دمجها. وبهذه الطريقة تكونت مؤسسات كبرى مالية و صناعية احتكارية؛ فعلى مستوى الإنتاج يتخذ التركيز شكلين: أفقي ويتم بين شركات ذات إنتاج متشابه، ويعطي ما يسمى بالكارتيل. وهو وفاق بين مجموعة من الشركات قصد احتكار الأسواق وتحديد الأسعار، تجنبا للمنافسة. وتركيز عمودي يتم بإدماج شركات تساهم في إنتاج واحد وتشكيل شركة واحدة، أي ما يسمى بالتروست. وعلى مستوى رأس المال، يتم التركيز لخلق مؤسسات مالية كبرى وهي نوعان: شركات المساهمة، أي رأسمالها يعود إلى عدد كبير من المساهمين، ثم الهولدينغ أي شركة التملك وهي مؤسسات مالية احتكارية تفرض سيطرتها على المؤسسات الصناعية والبنكية بواسطة امتلاك قسم كبير من أسهمها.
3): أهمية تنظيم العمل: ويتجلى ذلك في قيام التقنيين بالجانب النظري لتنظيم العمل. وقيام العمال المرتبطين بالآلة، بسبب استعمال طريقة العمل المتسلسل، بالجانب التطبيقي. واستعمال الآلة والعقول الإليكترونية قصد الزيادة في الإنتاج والتخفيض من تكاليفه، حيث توجد عدة معامل يتم تسييرها من طرف عدد قليل من التقنيين. وتوحيد نمط الإنتاج أي نظام ستندار بسبب استعمال الآلة، ولغزو الأسواق بمنتجات منخفضة الأثمان وتصريفها عن طريق الإشهار.
تعد تناقضات النظام الرأسمالي الأمريكي أهم المشاكل التي تحاول الدولة تجاوزها
1): التناقضات الاقتصادية والاجتماعية: على المستوى الاقتصادي يحمل النظام الرأسمالي الأمريكي عدة تناقضات منها كون الشركات القوية تسبب في إفلاس الشركات الصغرى والمتوسطة، مما يدل على الإخلال بمبدأ المنافسة. كما أن التركيز الأفقي يلغي نفس المبدأ. وعلى المستوى الاجتماعي، يعتبر المجتمع الأمريكي استهلاكيا، لكن اختلاف الدخل الفردي بين الطبقات وضعفه بالنسبة للعاطلين والعمال السود يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية لدى هذه الفئات، مما يؤدي إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب، فتحدث الأزمات.
2): تدخل الدولة ومحاولة تجاوز هذه التناقضات: ازداد تدخل الدولة في الاقتصاد أهمية انطلاقا من الخطة الجديدة مع الحفاض على مبدأ الحرية الاقتصادية. ويتجلى تدخل الدولة في محاربة المؤسسات الاحتكارية لحماية المؤسسات الصغرى والمتوسطة حفاظا على مبدأ المنافسة الحرة. وتحكم الدولة في الكتلة النقدية الرائجة والإنتاج تفاديا للتضخم المالي. بالإضافة إلى الزيادة في الاستهلاك الداخلي عن طريق النفقات العسكرية والأبحاث الفضائية. كما تنهج الدولة سياسة إمبريالية تضمن غزو الأسواق والحصول على المواد الأولية و مصادر الطاقة. وتتخذ هذه السياسة عدة أساليب منها:
- الاعتماد على المؤسسات المتعددة الجنسية وخلق فروع لها في الخارج.
- سياسة المساعدات الخارجية للعالم الثالث تضمن البيع وفتح أسواق خارجية و الحصول على المواد الأولية ومصادر الطاقة.
- الاستثمارات في الخارج تحقق أرباحا أكثر في الدول المتخلفة عما تحققه في الدول الصناعية.
- تدخل الولايات المتحدة في الحروب قصد تصريف إنتاجها وتنميته.
خاتمة: رغم قوة الولايات المتحدة اقتصاديا على المستوى الدولي، فإن تلك القوة تخفي عدة تناقضات اجتماعية واقتصادية تحاول الدولة تجاوزها.