حد السرقة
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(38)فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(39)أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(40)}
ثم ذكر تعالى عقوبة السارق فقال {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} أي كل من سرق رجلاً كان أو امرأة فاقطعوا يده {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} أي مجازاة لهما على فعلهما القبيح {نَكَالاً مِنَ اللَّهِ} أي عقوبة من الله {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أي حكيم في شرعه فلا يأمر بقطع اليد ظلماً {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} أي رجع عن السرقة {وَأَصْلَحَ} أي أصلح سيرته وعمله {فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} أي يقبل توبته فلا يعذبه في الآخرة {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي مبالغ في المغفرة والرحمة.
ثم نبّه تعالى على واسع ملكه فقال {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي ألم تعلم أيها المخاطب أن الله تعالى له السلطان القاهر والملك الباهر وبيده ملكوت السماوات والأرض والاستفهام للتقرير {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي يعذّب من يشاء تعذيبه ويغفر لمن يشاء غفران ذنبه وهو القادر على كل شيء الذي لا يعجزه شيء.
"كلمة وجيزة حول قطع يد السارق"
يعيب بعض الغربيين على الشريعة الإِسلامية قطع يد السارق ويزعمون أن هذه العقوبة صارمة لا تليق بمجتمع متحضر ويقولون: يكفي في عقوبته السجن ردعاً له، وكان من أثر هذه الفلسفة التي لا تستند على منطقٍ سليم أن زادت الجرائم وكثرت العصابات وأصبحت السجون ممتلئة بالمجرمين وقطاع الطريق الذي يهدّدون الأمن والاستقرار، يسرق السارق وهو آمن مطمئن لا يخشى شيئاً اللهم إِلا ذلك السجن الذي يُطعم ويُكسى فيه فيقضي مدة العقوبة التي فرضها عليه القانون الوضعي ثم يخرج منه وهو إِلى الإِجرام أميل وعلى الشر أقدر، يؤكد هذا ما نقرؤه ونسمعه عن تعداد الجرائم وزيادتها يوماً بعد يوم، وذلك لقصور العقل البشري عن الوصول إلى الدواء الناجع والشفاء النافع لمعالجة مثل هذه الأمراض الخطيرة، أما الإِسلام فقد استطاع أن يقتلع الشر من جذوره ويدٌ واحدة تقطع كافية لردع