وهناك مجالان كبيران للحديث في هذا الامر:
1 - المياه المخصصة للزراعة: وهذه المياه تمثل معدل 88% من جملة المياه المستعملة في المنطقة مع فروق بين بلد وآخر.
ويبدو الهدر من ان هذه الثمانية وثمانون في المائة لا تسهم في الناتج الداخلي الخام، الا بما بين 10،5% (طبعا بقطع النظر عن انتاج الزراعات البعلية).
وللمقارنة فإن الصناعة التي لا تستهلك سوي 5% من المياه في المنطقة الشرق أوسطية تتيح مابين 20و50 من ا لناتج الداخلي الخام حسب البلدان.
هذا علي الصعيد الاقتصادي الشامل والجملي (الماكرو اقتصادي) ولكن يزداد الأمر سوءا عندما ننظر الي اسعار بيع مياه الري وتعريفاتها فعلي اهميتها الكمية يضاف هدر حقيقي في كل البلدان لهذه الثروة التي تكاد تعطي مجانا للفلاحين في الزراعات المروية بما يعد بلا مردود اقتصادي فعلي حتي علي المستوي الميكرو اقتصادي.
2 - وفي كثير من الاحيان فان تسعيرات بيع المياه حتي في المدن لا تغطي الكلفة الحقيقية لإنتاج ونقل المياه علي مسافات طويلة نسبيا ثم ايضا ادارة تلك المياه.
ويستمر في المنطقة عموما دعم تسعيرة المياه بشكل أو آخر مما يشجع عادة علي افراط في الاستهلاك وفق القاعدة التي تقول ان عدم الدفع للثمن الحقيقي يؤدي بطبيعته الي الهدر.
وتعتبر مدينة رام الله من بين عينة تحدثت عنها وثيقة البنك الدولي المدينة التي يباع فيها المتر المكعب الواحد من الماء للمستهلكين المدينة الوحيدة التي تنفذ اسعار تغطي الكلفة وزيادة بواقع 1،11 دولار وينخفض الأمر بعد ذلك الي 0،61 دولار في عمان للمتر و0،43 دولار في خان يونس و0،36 دولار في لبنان و0،28 دولار في كل من غزة وصنعاء و0،22 دولار في تونس و0،18 دولار في الجزائر و0،08 في سوريا و0،06 في محافظة البحيرة في مصر و0،04 في القاهرة.
ويمكن ان يكون اعتماد تسعيرات اعلي وتغطي الكلف الحقيقية للإنتاج والنقل والإدارة ان يكون سببا حقيقيا لاقتصاد المياه وهو ما يدعو إلي اطلاق صيحة فزع للتنبه للمستقبل المظلم اذا لم يقع من الان اتخاذ ماينبغي من احتياطات.
فسنة 2025 ليست بعيدة وهي تهم ابناء هذا الجيل لا احفادهم الذين لن يعرفوهم: فماذا وقع من اعداد العدة للتحضير لهذا المستقبل القريب الذي سيتضاعف عدد سكانه عما هم اليوم في المنطقة واذا كانت تحلية مياه البحر يمكن ان تجيب عن التحديات فلا بد ان يكون واضحا انها مكلفة جدا وانها ليست في متناول كل بلدان المنطقة وحتي تلك التحلية المكلفة لابد ان يقع الاستعداد من الان لتحويل كلفتها الي المستعملين الحقيقيين للمياه اي مستهلكيها ضمانا لحد ادني من العدالة في زمن سيتميز بالندرة بدل الوفرة التي عرفتها بعض البلدان في المنطقة في العقود الأخيرة والتي مكنتها من وفرة مالية لا يتوقع احد عودتها أو علي الاقل عودتها بذلك الشكل.
وفي الاثناء هل يكون التخصيص الجواب المناسب لوقف الهدر الحاصل للمياه بين استعمالات زراعية غير مجدية ولامنتجة وتسعيرات للإستعمال المنزلي مشجعة علي الهدر فيما حصة من المياه المتاحة والمتجددة في تناقص اكثر فأكثر حدة.
1 - تمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اعتبارات الأمم المتحدة كلا من الجزائر والبحرين ومصر وايران والعراق واسرائيل والأردن والكويت ولبنان وليبيا ومالطا والمغرب وعمان وقطر والسعودية وسوريا وتونس والأمارات العربية المتحدة واليمن والضفة وغزة وبذلك فان هناك ثلاثة بلدان غير عربية هي داخل المنطقة في مفهوم الأمم المتحدة وهي مالطا واسرائيل وايران كما ان هناك 5 دول عربية لا تدخل تحت هذا التصنيف وهي وموريتانيا والصومال وجيبوتي والسودان وجزر القمر.
سوء استغلال المياة عبء يواجه الدول العربية 91% للزرعة ، 5% للشرب ، 4% للصناعة ذات العائد المرتفع
كما أكدت دراسة اقتصادية أن العالم العربي سيواجه أزمة في ندرة المياه خاصة في ظل التواجد الصهيوني، والسلوكيات السلبية التي تؤدي الى فقد المياه، الى جانب استخدام نحو 91% في الزراعة ذات العائد المنخفض مقابل 4% للصناعة و5% للشرب، واوضحت الدراسة ان الدول العربية تعتمد على أربعة مصادر للموارد المائية، ، المصدر الاول يتمثل في الامطار وهي منخفضة وغير منتظمة وسيئة التوزيع، ولا يمكن الاعتماد عليها في وضع سياسة زراعية لاستغلال الاراضي المتاحة، وتعتمد على الامطار كل من سوريا والعراق ولبنان والأردن وتونس والمغرب والجزائر والسودان والصومال ، ويقدر الوارد المائي السنوي من الامطار بنحو 2282 مليار متر مكعب، يسقط نحو 5، 14% من الامطار على 67% من اجمالي مساحة الوطن العربي بمعدل يقل عن 100مم وحوالي 19% تسقط على 15% من مساحة الدول العربية بين معدلي 100، 300مم، وتعتبر متوسطة في حين السابقة فقيرة، وحوالي 5، 66% من الامطار يسقط على نحو 18% من مساحة العرب بمعدل يزيد عن 300 مم.
والمصدر الثاني يتمثل في الموارد المائية السطحية العذبة (الانهار) وهي قليلة نسبيا حيث لا يتوفر للدول العربية سوى نهر النيل ونهري دجلة والفرات، وبعض الانهار الصغيرة التي تعتبر مغلقة ويصل جملة مواردها المائية المتجددة نحو 42 مليار متر مكعب، وتبلغ مواردها المائية حوالي 204 مليارات متر مكعب منها 46% مصادر خارجية و54% داخل الوطن العربي .
يحتل المشرق العربي منها نحو 67 مليار متر مكعب بنسبة 33% والجزيرة العربية 10 مليارات بنسبة 5%، والاقليم الاوسط 87 مليار متر مكعب بنسبة 42%، والمغرب العربي 40 مليار متر مكعب بنسبة 20%،
وتعتبر المياه الجوفية المصدر الثالث ويقدر مخزونها بنحو 7734 مليار متر مكعب، يتجدد منها سنويا 42 ملياراً ويتاح للاستعمال 35 مليار متر مكعب .
يحتل الاقليم الاوسط نحو 83%، المغرب العربي 12%، والجزيرة العربية 7، 4%، والمشرق العربي 3، 0%.
والمصدر الرابع يشمل الموارد غير التقليدية مثل مياه البحر المعالجة، ومياه الصرف الصحي المنقاة ومياه الصرف الزراعي المعاد استخدامه ويبلغ مواردها 6، 7 مليارات متر مكعب .
وكشفت الدراسة التي اعدها الدكتور امام محمود الجمس وكيل معهد بحوث الزراعة حول (الأمن المائي العربي الواقع والأزمة) عن انخفاض متوسط نصيب الفرد من المياه في الوطن العربي الى 990 متراً مكعباً في عام 2006 مقابل 1090 متراً مكعباً سنويا عام 1995 وهو ما يشير الى دخول العالم العربي حزام الفقر المائي في خمسة اعوام فقط مما يضيف عبئاً اضافياً على الامة العربية، ورغم ان كلاً من العراق ومصر والمغرب وعمان ولبنان تمكنت من ان تبقى مواردها المائية خارج حزام الفقر المائي حتى عام 1995م الا انها في الوقت الحاضر اصبحت على حافة خط الفقر باستثناء العراق، كما أن لبنان تتعرض مياهها للاستيلاء من اسرائيل.
واشارت دراسة الأمن المائي العربي إلى أن استخدامات المياه توضح التخلف الاقتصادي للعرب لاعتمادها بصفة اساسية على الزراعة بنسبة 91% في حين الصناعة 4% والشرب 5%، فأعلى مورد من المياه يتوجه الى الزراعة ذات العائد المنخفض .
وفي الجزيرة العربية تحتل الزراعة نحو 84% من موارد مياه الجزيرة، 14% للشرب و2% للصناعة، والمشرق العربي 95% للزراعة، و3% للشرب، و7% للصناعة، والمغرب العربي 83% للزراعة، 14% للشرب، 3% للصناعة وهو ما يوضح ان الاقليم الاوسط من اكثر الدول العربية صناعة وتحديثاً، وتؤكد الدراسة انه في ضوء استيراد العالم العربي لمعظم غذائه فسوف يظل كفاءة استخدام مياه الري ضعيفة للغاية، تطالب الدراسة باعادة النظر في طريقة واسلوب ونمط توزيع المتاح من المياه العربية على انشطة الانتاج الممكنة والتي تتيح تحقيق اكبر عائد في الحاضر والمستقبل، كما تطالب بضرورة تعاون الوطن العربي لمواجهة مشكلة ندرة المياه واقامة الانشطة الانتاجية في اماكن ومناطق مزاياها النسبية، وتوفير عنصر الوعي والادراك لمعرفة العدو والشقيق، وخلق ارادة التعاون العربي لصالح كل العرب.
وذكرت الدراسة ان ندرة المياه اهم المشاكل التي تواجه التنمية الاقتصادية وخاصة التنمية الزراعية والعمرانية.
كما تعد ندرة المياه سبباً في التوترات والاضطرابات السياسية بين البلدان المتجاورة وقد تصل الى الحروب بين الدول بعضها البعض، وارجعت ندرة المياه الى النمو السكاني المتزايد في الوطن العربي، وعمليات التنمية الصناعية، والاتجاهات العمرانية التوسعية، وسوء الاستغلال الجيد للموارد المائية في ظل الثبات النسبي للمياه، وحذرت الدراسة من المخطط الاسرائيلي لسرقة المياه العربية ومحاولاتها السيطرة على منابع الانهار التي تصب في الدول العربية بمساعدة امريكا لتنقص من حصص العربية،
سوء استغلال المياه عبء يواجه الدول العربية، 91% للزراعة، 5% للشرب، 4% فقط للصناعة ذات العائد المرتفع .
ثلث سكان العالم يفتقدون ماء الشراب
في بداية السبعينات شهد العالم العديد من الصدامات النفطية ولكن القرن القادم يمكن ان يعرف مع الاسف عددا من الصراعات الجيوسياسية والتجارية اكثر اتساعا من صدمات النفط ، لان هذه الصراعات ستكون مرتبطة بالسيطرة على احد الموارد الطبيعية الضرورية للحياة والتي لا يمكن استبدال مصدر اخر بها، والتي لا تتوافر الا بكميات محدودة : انه ( الماء) حياة كل شيء وصدق سبحانه حيث يقول وجعلنا من الماء كل شيء حي ان التوسع غير المنضبط في طلبات الصناعة والزراعة والسياحة واستخدامات البلدان الغنية كلها ادت الى تلوث بعض المخزون المائي الجوفي والتبذير الواسع المنذر بنضوب حاد في الكميات المتوفرة وقد أصبحت هذه الوضعية الأخيرة هي القدر اليومي لاكثر من 1,4 مليار كائن بشري لا يستطيعون الحصول على حاجتهم من الماء فمن ذا سيكون الحكم بين حاجات المجموعة البشرية على ظهر الكوكب والمصالح الفردية؟ ان منطق السوق الذي يعمل على توسيع الفوارق بين الناس لا يستطيع ان يكون ذلك الحكم وقد حان الوقت لايجاد منهج جديد - تعاوني ودولي للتصرف في هذا المورد الطبيعي الذي يجب ان يبقى او يصبح ملكية مشتركة للبشرية اجمع .
الوضع يزداد سوءا
ذلك هو ما خلصت إليه أحدى الوثائق التي قدمت في يونيو 2000 أثناء أحدى جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة المخصصة لتقييم مخزون الماء العذب المتوافر في الكوكب الأرضي في الوقت الحاضر وتذكر الوثيقة بان خطط التنمية الحالية وطريقة استخدام الموارد المائية لا يمكن احتمالها بشكل عام ويمثل الماء مشكلة مطروحة على مستوى العالم والتي يمكن لقرار يتخذ حوله ان يحدد مستقبل المجتمعات البشرية فدون الماء لا يمكن تحقيق التنمية, ودون ان نكون متشائمين يترتب علينا ان نشير الى ان الموارد المائية بدأت تشح في كثير من المناطق وان مستوى المخزون ينخفض ، وان التلوث ينتشر بشكل كبير، وان التصحر يتوسع، غير ان مثل هذه الظواهر لا تثير نفس المشاعر الملحة التي تثيرها تغيرات المناخ والقضاء على الغابات أو طبقة الأوزون، ومع ذلك فان لفقدان الماء عواقب وخيمة منها سوء التغذية والأمراض المرتبطة بالماء ، النزوح من الريف، ومتاعب تلحق بالنساء,, الخ، والماء مورد محدود الكمية وهو موزع بشكل غير متساو سواء من حيث الزمان او من حيث المكان غير انه مصدر متجدد من خلال الدورة المائية التي تساوي 1385985 كيلومترا مكعبا ولكن مصادره مع ذلك ليست بلا حدود ذلك ان الخبراء يتنبأون ان يتم استهلاك جميع مخزون المياه السطحية في العالم من الآن حتى عام 2100 كما ان مجمل الماء الذي توفره الدورة المائية في الكرة الأرضية سوف ينفد كلية بحلول 2230 .
الماء العذب لا يمثل سوى 3 في المائة من مياه الكرة الأرضية ، اما اذا استثنينا من التقدير مياه المجلدات التي لا يمكن توافرها الآن لصالح البشرية او الغطاء القطبي او المخزونات الجوفية فلا يبقى تحت تصرف الكائنات الحية جميعا سوى 1 في المائة من المياه العذبة المتوافرة من البحيرات والغلاف الجوي والانهار والجداول غير ان 60 في المائة من الأراضي السطحية تعيش نقصا في المياه وان 1 من كل خمسة أشخاص في العالم محروم من الماء الصحي الصالح للشراب وان نصف البشرية لا تمتلك شبكة كافية من مياه الصرف وتعيش بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط هذه الوضعية اذ لا يتوافر للفرد الواحد سوى 2000 متر مكعب من الماء في السنة مما جعل سكان هاتين المنطقتين يعيشون في ظل توتر مائي يعطل حياتهم الاقتصادية والاجتماعية .
مورد يتم تبذيره
إذا ما كان سكان الأرض قد ازدادوا ثلاث مرات خلال هذا القرن فان الطلب على الماء قد تضاعف سبع مرات، وازدادت رقعة الأرض السطحية المروية ست مرات إضافة لذلك فان تلوث المياه الجوفية خلال السنوات الخمسين الماضية خفضت المخزون المائي بمعدل الثلث وعليه يمكن استخدام الموارد المتاحة بشكل أكثر فعالية من خلال التخفيض في مستوى التلوث والتبخر في الخزانات ومن خلال اعادة المعالجة وصيانة الشبكات ومقاومة التبذير وزراعة محاصيل اقل استهلاكا للماء واكثر مقاومة لتملح التربة، هذا وليس من الممكن اللجوء حاليا لتحلية مياه البحر الا في بعض البلدان حيث تتوفر الطاقة بأسعار زهيدة غير ان هذا الأجراء لم يمنع ان يصل استهلاك الماء مستويات خطرة كما هو الحال في المملكة العربية السعودية والكويت على سبيل المثال .
تبتلع الزراعة ثلثي الاستهلاك العالمي من المياه غير انه يجب الاخذ بالاعتبار المنافسة الكثيفة في استهلاك الماء التي باتت تظهرها المدن الكبيرة والصناعية والسياحة لاسيما في بلدان الجنوب ولكن الخبراء يتكهنون ان تظل الزراعة في القرن الواحد والعشرين محافظة على مستوى استهلاكها الحالي ويؤكد احد الاختصاصيين ان الشح المتزايد في المياه العذبة هو بالفعل عقبة كأداء أمام الإنتاج الغذائي وسلامة الأنظمة البيئية والاستقرار الاجتماعي والسلام بين الشعوب ويلاحظ ان دولا مثل مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وكلها تفتقر الى المياه الكافية تستورد منذ الآن اكثر من ثلث الحبوب التي تحتاج اليها .
ان الأمم المتحدة أوصت خلال جلستها الخاصة حول الماء بضرورة الاتفاق على الأولوية المطلقة للمشاكل الخطيرة المتعلقة بالماء العذب التي يعاني منها عدد كبير من المناطق في العالم .
وتحث الأمم المتحدة على ايلاء أولوية لنقل التكنولوجيا الخاصة بالمياه على أساس اقليمي ودولي ومساعدة دول الجنوب على تبني انماط من الإنتاج الزراعي والصناعي اقل استهلاكا للماء واكثر اقتصادا فيه .
ودعت المنظمة الحكومات الى : انتهاج اسلوب استراتيجي لتنفيذ جميع مظاهر الاستخدام الرشيد للمياه العذبة لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية ، وتلاحظ المنظمة على كل حال ان هذه العمليات الحكومية لن تعطي نتاجها الا اذا خصصت لها المجموعة الدولية مزيدا من الموارد المالية الاضافية