الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أمّا بعد:
الصوم هو التعبد لله تعالى، بترك المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
فرض في الثانية من الهجرة، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات.
يثبت بأحد أمرين:
الأول: رؤية الهلال.
الثاني: إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.
ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له» [متفق عليه].
والمعنى إذا غطى الهلال شيء من الغيم فلم يظهر، فأكملوا شعبان ثلاثين يوماً.
يجب تبييت النية في صوم الفريضة قبل طلوع الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم : «من لم يبيت الصيام من الليل، فلا صيام له» [صحيح النسائي]. فتجب النية وتصح في أي جزء من أجزاء الليل، ولو قبل الفجر بلحظات.
تنبيـــــــــــه: والنية في جميع العبادات محلها القلب، ولا يجوز التلفظ بها، بل يكفي أن ينوي الصيام بقلبه.
حدد الله تعالى بداية الصوم ونهايته من كل يوم فقال سبحانه: {لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْاَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْاَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ اَتِمُّوا الصِّيَامَ اِلَى اللَّيْل} [البقرة:187].
- فالصوم يبتدئ من طلوع الفجر الثاني، وينتهي بغروب الشمس، فإذا طلع الفجر - وهو البياض المعترض المنتشر في الأفق من جهة المشرق - وجب على الصائم الإمساك حالاً، سواء سمع المؤذن أم لا.
- وإذا كان يعلم أنّ المؤذن يؤذن عند طلوع الفجر الصحيح وجب عليه الإمساكحـــــال سمـــــــاع أذانه.
- أمّا إذا كان المؤذن يؤذن قبل الفجر، فلا يجب الإمساك عن الأكل والشرب إلاّ عند طلوع الفجر.
- وإذا كان يعلم حال المؤذن، أو اختلف المؤذنون، ولا يستطيع أن يتبين الفجر بنفسه - كما في المدن غالباً بسبب الإنارة والمباني - فإنّ عليه أن يحتاط بالعمل بالتقويمات المطبوعة المبنية على الحسابات والتقديرات، مالم يتبين خطؤها.
- وأمّا الإحتياط بالإمساك قبل الفجر بوقت كعشر دقائق ونحوها، فهو بدعة من البدع. [70 مسألة في الصيام].
وهم ثمانية هي ..
أولاً: الجماع: فمتى جامع الصائم في نهار رمضان بطل صومه، وعليه الإستمرار في الصيام بقية يومه، وعليه التوبة إلى الله والإستغفار والندم على ما فعل، وعليه قضاء ذلك اليوم الذي جامع فيه، وعليه مع القضاء كفارة مغلظة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاعٍ من طعام أهل البلد.
ثانياً: الأكل والشرب متعمداً: سواء أكان عن طريق الفم، أو عن طريق الأنف، فمن أكل أو شرب متعمداً فسد صومه، سواء أكان الطعام والشراب مفيداً أم ضاراً، كالدخان والشيشة، وعليه أيضاً أن يمسك بقية يومه، وعليه التوبة والإستغفار والندم، ثم يلزمه بعد ذلك قضاء ذلك اليوم الذي أفطر فيه.
ثالثاً: حقن الإبر المغذية: التي يستغنى بها عن الطعام، لأنّها بمعنى الأكل والشرب، وأمّا الإبر التي لا تغذي، فإنّها لا تفطر.
خامساً: حقن الدم: مثل أن يحصل للصائم نزيف، فيحقن بحقن الدم تعويضاً عما فقده.
سادساً: خروج دم الحيض والنفاس: فالحائض والنفساء يحرم عليها الصيام مدة الحيض والنفاس.
سابعاً: إخراج الدم من الصائم: بحجامة أو فصد أو سحب للتبرع به، أو لإسعاف مريض ونحو ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» [رواه أحمد].
فأمّا خروج الدم نفسه كالرعاف، أو خروجه بقلع سن ونحوه فلا يفطر، لأنّه ليس حجامة ولا بمعنى الحجامة.
ثامناً: التقيؤ عمداً: أمّا إذا غلبه القيء، وخرج منه بغير اختياره، فلا يفسد صومه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من ذرعه القيء وهو صائم، فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض» [رواه أهل السنن وحسنه الترمذي].
1- بلع اللعاب: أمّا البلغم الغليظ فيجب إخراجه وعدم بلعه.
2- السواك سنة في الصيام وغيره: لكن إذا خرج دم بالتسوك من اللثة، فالواجب التحرز منه وعدم بلعه.
3- خروج المذي: لأي سبب كان لا يفسد الصوم.
4- استعمال الطيب في نهار رمضان: أمّا البخور فلا يجوز استنشاقه، لأنّ له جرماً يصل إلى المعدة، وهو الدخان.
5- يجوز للصائم استعمال معجون الأسنان، مع التحرر من وصول شيء إلى حلقه.
6- يجوز استعمال قطرة العين والأذن في أصح قولي العلماء، فإن وجد طعم القطرة في عينه، أمّا قطرة الأنف فلا تجوز في نهار رمضان لأنّ الأنف منفذ.
7- يجوز استعمال بخاخ الفم المستخدم في علاج الربو.
8- يجوز استعمال الكحل والحناء.
9- أخذ الدم اليسير للتحليل لا يؤثر على الصيام.
10- أخذ الحقنة الشرجية للحاجة لا يؤثر على الصيام.
11- تذوق الطعام للحاجة، بأن يجعله على طرف لسانه، ليعرف حلاوته وملوحته، لكن لا يبتلع منه شيئاً.
12- تقبيل الزوجة ممن يملك نفسه لا يضر الصيام.
1- الصوم عبادة يتقرب بها العبد إلى ربّه بترك محبوباته.
2- وفي الصيام ممارسة ضبط النفس، والسيطرة عليها.
3- ومن حكم الصيام أنّه سبب للتقوى، والتقوى هي فعل الأوامر وترك النواهي.
4- ومن حكم الصيام أنّ الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى، فيشكر ربّه، ويذكر أخاه الفقير فيجود عليه بالصدقة والإحسان.
5- ومن فوائده، أنّه يعود الإنسان الصبر والتحمل والجلد.
6- يسهل فعل الطاعات وترك المنكرات.
1- المبادرة بالفطر عند تحقق الغروب: لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» [متفق عليه].
2- الفطر على رطب أو تمر أو ماء.
3- الدعاء عند الإفطار: لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ للصائم عند فطره دعوة ما ترد » [ابن ماجه وصححه البوصيري]. إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» .
4- تأخير السحور والحرص عليه: لقوله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا، فإن في السحور بركة» [متفق عليه]. عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قال أنس لزيد: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية. ؟ [متفق عليه].
5- كف اللسان والجوارح عن المحارم: قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [رواه البخاري].
6- تفطير الصائمين: لقوله صلى الله عليه وسلم: «من فطّر صائماً، فله أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» [رواه أحمد والترمذي].
7- كثرة الصدقة والجود.
8- كثرة تلاوة القرآن: كان جبريل - عليه السلام - يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل يوم في رمضان. وكان السلف يقدمون تلاوة القرآن في رمضان على كل عبادة.
9- قيام رمضان: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].
10- الإعتكاف: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فلمّا كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً، وعلى المعتكف أن يشتغل بذكر الله من صلاة وقراءة قرآن، ودعاء، لأنّ المراد من الإعتكاف هو التفرغ للطاعة.
11- تحري ليلة القدر: لقوله صلى الله عليه وسلم:«تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» [متفق عليه].
12- العمرة في رمضان: وهي مما يتأكد استحبابه في رمضان لقوله صلى الله عليه وسلم : «عمرة في رمضان تعدل حجة» أو قال: «حجة معي» [رواه البخاري].
نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا وطاعاتنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.