ولد هيغل بشتوتغارت في ألمانيا، وكان تلميذاً لشلّنغ مع انه كان يكبره بخمس سنوات. يعد من اعظم الفلاسفة تأثيراً في تاريخ الفلسفة الحديثة، اذ لا يمكن أن نفهم: الوجودية، والماركسية، والبراجماتية، والفلسفة التحليلية، والنزعة النقدية، من دون ان نفهم هيغل وتأثيره فيها جميعاً بالسلب والايجاب(1).
كتب عدة مؤلفات اتسم اسلوبه فيها بالتعقيد والابهام وكثرة استخدام المصطلحات، اولها: (فينومنولوجيا الذهن) (1807م) وهو وصف للظواهر الذهنية وآثارها في حياة الانسان، (المنطق) في ثلاثة مجلدات (1812 _ 1816م) وهو عرض للمعاني الاساسية الميتافيزيقية والمنطقية، ولذلك صار حجر الزاوية في بناء مذهبه، بينما عالجت كتبه الأخرى اقسام المذهب، (موسوعة العلوم الفلسفية) (1817م)، (دروس في فلسفة الدين)، (تاريخ الفلسفة)، (فلسفة الجمال)، نُشرت الثلاثة الاخيرة بعد وفاته(2).
8 ـ القرن التاسع عشر:
لم يكن وضع الفلسفة الاوروبية في هذا القرن بمنأىً عن تأثير الافكار الفلسفية التي ولدت في أوروبا في القرن الثامن عشر نفياً او اثباتاً. فقد امتدت الفلسفة الكانتية لتهيمن على التفكير الفلسفي في القرن التاسع عشر، وتطبع التطورات اللاحقة في هذا القرن بمقولاتها الاساسية، وأضحت بمثابة المنبع الذي استقت منه تيارات الفكر الكبرى وقتئذ. ورغم ظهور اتجاه مضاد لاتجاهها في نهاية ذلك القرن، الا ان بعض المفكرين يستمرون في القرن العشرين في الخضوع لسلطانها(3).
مذاهب القرن التاسع عشر
الاتجاه الذي اتسم به هذا القرن هو السعي لبناء نظم فلسفية، اي العمل على التأليف والتركيب بين الافكار، فخرجت مذاهب بعض الفلاسفة عبر مزج معطيات فلسفية سالفة. كما تأثرت المذاهب الفلسفية بالعلم مثلما نجد في المذهب المادي والوضعي.
ففي ألمانيا تبنى المادية فويرباخ (1804 _ 1872م)، وموليشُط (1822 _ 1893م)، وبوخنر (1824 _ 1899م)، وكارل فوجت (1817 _ 1895م).
اما في فرنسا فقد اسس اوجست كونت (1798 _ 1857م) الفلسفة الوضعية، وتبعه جون استيوارت مل (1806 _ 1873م) في انجلترا، وارنست لاس (1837 _ 1885م) ويودل (1848 _ 1914م) في المانيا. وقد رأى هؤلاء جميعاً ان الفلسفة ليست إلاّ تجميعاً لنتائج العلم.
(.) الحفني، د. عبد المنعم. الموسوعة الفلسفية. ص 511.
(2) كرم، يوسف. تاريخ الفلسفة الحديثة. القاهرة:دار المعارف، ص274.
(3) أ.م. بوشنسكي. الفلسفة المعاصرة في اوروبا. ترجمة: د. عزت قرني. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1992، ص28.